أثار مقتل الاستاذة أفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين في تعز، غضبا شعبيا بعد ظهور تسجيل صوتي فصلت فيه حملة مستهدفة من قبل أفراد مسلحين اتهمتهم بالاستيلاء على مبنى حكومي، والانتقام بعد أن أبلغت النيابة عنهم، وتلقي الحماية من مسؤولي الأمن المحليين.
ويمثل الاغتيال الذي وقع يوم الخميس، الذي وقع أثناء مرور المشهري بسيارتها وسط المدينة، الأحدث في سلسلة من الهجمات على موظفي الخدمة المدنية في المحافظة الواقعة في جنوب غرب اليمن، وكثف مطالبه بالمساءلة وسط مزاعم بالإفلات المنهجي من العقاب.
في الشهادة الصوتية - التي تم تسجيلها قبل أسابيع من وفاتها وشاركتها عائلتها - حددت المشهري لوي جسار المخلافي ووالده، إلى جانب محمد صادق المخلافي ("البشق")، كشخصيات مركزية في نزاع حول السيطرة على منشأة حكومية.
وزعمت أن الرجال، الذين وصفتهم بأنهم "محتلون مسلحون"، قدموا في البداية التماسا للبقاء في المبنى تحت ذرائع كاذبة قبل أن ينقلبوا عليها. وقالت: "عندما رفعت القضية إلى الادعاء ، قتلوني" ، مدعية أن المشتبه بهم كانوا محميين من قبل شبكة من سماسرة السلطة المحليين لمنع "سلسلة العصابات المسلحة من الانهيار". والأكثر إدانة ، اتهماها لمدير الأمن بتحذير المشتبه بهم شخصيا بالفرار قبل عملية اعتقال ، قائلة: "سيارة أمنية قادمة من أجلكم - اختبئ الآن".
ووصفت المشهري البشق، بانه " مدمن مخدرات" معترف به بنفسه وأدين سابقا بالقتل، بأنه "قاتل مأجور" يعمل ويستيطع االإفلات من العقاب.
وأمر رئيس الوزراء سالم بن بريك باتخاذ إجراء فوري في مكالمة هاتفية يوم الخميس مع محافظ تعز نبيل شمسان ، ووجه قوات الأمن إلى "القبض على الجناة بسرعة وتحقيق العدالة الرادعة". وأكد تقرير أولي للجنة الأمنية هويات المشتبه بهم وشن عملية مطاردة ووزعت صورهم على نقاط التفتيش.
ومع ذلك، لا يزال المواطنون متشككين: ففي غضون ساعات، نصب المتظاهرون خيمة اعتصام خارج مقر المحافظة، مطالبين ليس فقط باعتقال القتلة، بل أيضا بإقالة المسئولين المتقاعسين عن اداء ادوارهم في الحفاظ على الامن والسكينة العامة، الذين يتهمونهم بتمكين الشبكات الإجرامية.
أثارت القضية إدانة رفيعة المستوى. أشار رئيس البرلمان سلطان البركاني إلى جريمة قتل سيئة السمعة في السبعينيات داخل مسجد المظفر في تعز حيث اشتهرت السلطات ب "اعتقال الجثة بينما هرب القاتل" للتأكيد على الإخفاقات الأمنية المتكررة.
كتب في رسالة تعزية إلى عائلة المشهري: "هذه الجريمة لا تعكس قيم تعز"، وحث السلطات على تجنب "التصريحات الغامضة" وتحقيق "عدالة حاسمة تعيد ثقة الجمهور". كانت المديرة المقتولة، التي أشاد بها وزير المالية السابق (رئيس الوزراء حاليا) سالم بن بريك على "تفانيها الثابت"، قد قادت الجهود المبذولة لتحديث إدارة النفايات وتأمين التمويل الدولي قبل وفاتها.
ويشير محللون محليون إلى أن الاغتيال يتناسب مع نمط من العنف المستهدف ضد المسؤولين الذين يقاومون الاستمالة من قبل الجماعات المسلحة. منذ عام 2015، قتل أكثر من 30 موظفا حكوميا وناشطا في تعز، وقتل الجناة نادرا ما تتم مقاضاتها. يشير تسجيل المشهري - والسرعة التي حشد بها المتظاهرون - إلى زيادة الوعي العام بالتواطؤ بين المجرمين ومؤسسات الدولة.
"لقد وثقت التهديدات بينما خذلتها الدولة"، قالت مدافعة عن حقوق الإنسان في تعز. والسؤال الآن هو ما إذا كانت السلطات ستتعامل مع هذا على أنه نقطة تحول أم إحصائية أخرى".
لجنة أمن تعز تؤكد هوية المشتبه به الرئيسي وتطلق عمليات واسعة
ومساء اليوم أصدرت لجنة أمن تعز بياناً رسمياً ظهر الخميس عقب اجتماع طارئ برئاسة وكيل المحافظة عبد القوي المخلافي، وبتوجيه من المحافظ نبيل شمسان، أكدت فيه أن محمد صادق المخلافي ("الباشق") هو المشتبه به الرئيسي في اغتيال المشهري. وأشار البيان إلى أن التحقيقات الأولية حددت مشاركته، بينما تجري ملاحقة متورطين آخرين.
شملت الإجراءات العاجلة؛ تشكيل حملة أمنية مشتركة تضم قوات من الشرطة، والأمن العام، والأمن السياسي، والوحدات العسكرية، اقتحام البؤر المشتبه بها في مناطق شمال وشرق تعز بالتنسيق مع القادة الميدانيين. وتعميم هويات المطلوبين على جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية، ورفع حالة التأهب القصوى مع استمرار انعقاد اللجنة حتى القبض على جميع المتورطين.
وجاء في البيان: "ستطال يد العدالة ليس الجناة فحسب، بل كل من يؤويهم أو يساعدهم على الهروب"، مؤكداً التزام السلطة المحلية بمحاسبة المخالفين.
مع استمرار المطاردة الأمنية، تواجه الحكومة ضغوطاً متزايدة لمعالجة ثغرات المنظومة، خاصةً مع تحذير البركاني أن «تعز لا تحتمل مزيداً من الإهمال». وأصبحت القضية اختباراً جدياً لقدرة الإدارة المعترف بها دولياً على فرض سلطة الدولة في المناطق المتنازع عليها.
أصبحت القضية اختبارا لقدرة السلطة المحلية اعلى إبراز هيبة الدولة في المناطق الشمالية والشرقية من المدينة والتي اصبحت وكرا امنا للقتلة واصحاب السوابق بحسب تقارير محلية ومنظمات مدنية.