كثر الحديث عن المؤتمر الشعبي العام بعد الأحداث الأخيرة في صنعاء وكثرت التحليلات السياسية والتأويلات والتوقعات والتصريحات بحسن نية وبسوء نية عن المخاوف من انقسام المؤتمر إلى ثلاثة أقسام قسم محكوم بحصارٍ وسيطرةٍ من الميليشيا الحوثية في صنعاء وقسم في الخارج يرفض سيطرة الحوثيين وتسعى الشرعية لاستقطابه وقسم ثالث هو الأولى والأجدر بقيادة المرحلة في نظر الكثير من الناس وبالأخص العقلاء وهو المؤتمر المؤيد والداعم للشرعية ورئيسه الرئيس هادي .
تلك التقسيمات لا تعدو كونها مخاوف وربما أمنيات وأحلام لدى أعداء المؤتمر وأعداء التصالح وهي تمثل النظرة التشاؤمية أو المعادية لكن الرؤية العميقة للمؤتمر ومكانته وتاريخه والنظرة الحريصة على مستقبله تجلت بوضوح في قول رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام حين قال إن موقف المؤتمريين موقف واحد مشترك هو عدم السماح بأي انشقاقات داخل المؤتمر.
وقد جاء ذلك في مقال نشره رئيس الوزراء في صفحته الرسمية أوضح فيه أن مسألة وحدة المؤتمر الشعبي العام قد "غدت قضية وطنية وأن المؤتمر هو المؤسسة الديمقراطية الأكثر جماهيرية، والحفاظ عليه أمر يدعو له اليوم كل الوطنيين، ويؤيده المهتمون بالشأن اليمني".
وأكد رئيس الوزراء أن الرئيس هادي رئيس المؤتمر الشعبي العام يرى أن الانتفاضة التي قادها الرئيس الشهيد ضد الحوثي قد وحدت المواقف، ووحدت الحزب وجماهيره على مبادئ استعادة الدولة، والدفاع عن الجمهورية، والمضي نحو دولة اتحادية.
وأضاف ،والحديث للدكتور بن دغر، " استقبلنا معاً الرئيس والنائب وأنا الشيخ سلطان البركاني، الذي أكد أن زملاءنا في أبوظبي والقاهرة يتوحدون خلف مبادئ استعادة الدولة وهزيمة الانقلاب والحفاظ على الجمهورية والوحدة، كان أهم ما قاله الأخ الرئيس للشيخ سلطان "أحمد علي عبدالله صالح مننا، ونحن منه وعفا الله عما سلف". هذه العبارة تلخص الموقف داخل المؤتمر، وتكثف الحقيقة والتوجه نحو الوحدة لدى القائد".
وقال " من يرغب في الدفاع عن المؤتمر والدفاع عن الوطن من أعضائه وأنصاره وجماهيره لابد أنه يفكر جديًا في الانضمام إلى جبهات النضال المتعددة، سياسية إن كان سياسياً، وعسكرية إن كان عسكرياً، وإعلامية إن كان إعلامياً، وغيرها، والشرعية والتحالف العربي يرحبان بالجميع دون استثناء، ودون التفات للماضي، كما شدد على " أن وحدة المؤتمر والانضمام إلى ركب الوحدويين، والمناضلين خطوة لا غنى عنها لكل مؤتمري يحب الخير لوطنه وأهله وحزبه، فوحدة المؤتمر إن تمكنّا جميعًا من تحقيقها فإنها حتمًا سوف تعزز وحدة الوطن، وسوف تعزز الاتجاه نحو وحدة المجتمع. وتجاوز مراحل الصراع السابقة. فلنتحد ولنتوحد وليقبل بعضنا البعض، ولنحذر الوقوع في فخ التقسيم والتمزيق فإنها بداية النهاية.
لقد كان تحليل الدكتور بن دغر ينم عن فطنة وضمير حي ومعبراً في الوقت ذاته عما يجيش في صدور الجماهير المؤتمرية العريضة " نحن نقاتل أيها المؤتمريون ولدينا 80% من الأرض، وكل يوم تعلو هذه النسبة، وخلفنا وأمامنا شعب يتوق لاستعادة حريته، وأمنه ووحدته، نحن نقاتل ومعنا أشقائنا في المملكة والإمارات والكويت ومصر والسودان والبحرين وكل العرب، وأغلبية المسلمين، مضيفا " نحن نقاتل والمجتمع الدولي يناصرنا إلا من شذ، نحن نقاتل وهذا هو المهم لأن الحق معنا وفي جانبنا، ولكي ينتصر الحق وتعلو رايات الجمهورية فإن الواجب يقتضي الوحدة المؤتمرية، ومرة أخرى أجتهد، لأقول: أنني أراها أمنع وأقوى وأنفع للشعب والوطن تحت قيادة الشرعية، وغير ذلك أجدها ملهاة، أخشى أن تتحول غدًا إلى مأساة.
هذا الموقف لرئيس الوزراء لاقى ترحيباً لدى الكثير ومن اولئك الصحفي كامل الخوداني الذي قال في تغريدة "اعتقد رسائل الدكتور احمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الوزراء والتي نشرت على صفحته رسائل واضحة وما تحتاج لتفكير وتفسير ومثلما قلتها سابقا قيادات المؤتمر هم عصارة ما انجبته اليمن من السياسيين ولا يمكن ان يسمحوا بتشظي المؤتمر وانقسامه وسيغلبون مصلحته على مصالحهم".
وفي تحليلٍ متفائلٍ مستشفٍ في بعضٍ من أجزائه من آراء محللين ومراقبين نرى حجم خسارة أعداء المؤتمر الحقيقيين وهم ميليشيا الحوثي بعد الجرائم التي ارتكبوها بحق المؤتمر وقياداته نلخصها في نقاط:
كل ما تحقق للميليشيا الحوثية هو رصيد من الخسائر الواضحة والمتتالية بسبب حجم الجرائم والمظالم والانتهاكات، وستظهر مع الأيام عواقبها.
كما أن قادة الميليشيا الحوثية صاروا بعد اغتيالهم للرئيس السابق صالح كالأيتام العراة، صحيحٌ أنهم لم يكونوا يحبونه ولم يكن يحبهم ولكنهم في الوقت ذاته لم يعد بمقدورهم أن يهدأوا أو يطمئنوا بعد ان تخلصوا منه بتلك الطريقة.
ومن التداعيات التي تتهاوى فوق رؤوس الميليشيا أن المزاج الشعبي تغير بشكل واضح وملحوظ، بعد أن اتخذ الواقع السياسي شكلاً أحادياً مع خروج صالح والمؤتمر من المعادلة، بحيث بدت المعركة الآن كأنها معركة تخص الحوثي وميليشياته وحدهم.
أما جمهور المؤتمر الذي كان يعرف بجناح صالح تحول في موقفه، كلياً وصار ضد الحوثيين، مؤيداً للشرعية والتحالف وهذا في حد ذاته خسران مبين للحوثي وميليشياته.
والمتأمل لواقع الميليشيا اليوم يجد أن مهمة الحوثيين صارت أكثر ثقلاً ووطأة، وبدلاً من محاولة احتواء الحدث، على ضخامته، استمروا في مفاقمة تبعاته عبر استمرارهم في ملاحقة قيادات المؤتمر.
بالمقابل؛ الخلافات داخل الشرعية، سقطت، وحزب الإصلاح تجاوز العقدة وبدأت أطراف التحالف بالتعامل معه وهو الذي سبق واتخذه الحوثيون بغباء ذريعة لإسقاط العاصمة وغيرها من المحافظات يوم أن وصفوا كوادره بالدواعش وجاراهم المغفلون والسذج من المتحوثين فأصبح الإصلاح اليوم متصالحاً مع المؤتمر الشعبي العام وكسب المؤتمر بذلك تعاطف الجميع حتى خصومه السياسيين، والغطاء الذي كان يوفره مؤتمر صالح، إن جاز التعبير ، للحوثيين إلى ما قبل انتفاضة صنعاء تلاشى تماماً فسقطت ورقة التوت عن سوءة الميليشيا وداعميها.