عاد رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر الى العاصمة المؤقتة عدن، ومعه عدد من مسؤولي حكومته، بعد رحلة طويلة على ذهن المواطن، مليئة بالشكوك والتساؤلات والإشاعات والذعر من القادم، خصوصاً مع صمت دولته عن ايضاح أي شيء في هذا الجانب.
عاد ليس منتصراً لذاته، بل لشعب كان يتوقع دخول دوامة كبيرة في ظل الصراع القائم، بين المكونات من جهة وبين أعضاء المكون الواحد من جهة أخرى، دوامة لن تقل ضرراً عن تلك التي اصابت البلد في 2014 مع بدء الإنقلاب.
عاد رئيس الحكومة ليس كفرد أثبت جدارته في استحقاق ثقة الداخل والخارج لإكمال ما بدأه من حفظ النظام في البلد فحسب، بل عاد كمنظومة تمثل الشرعية يجب ان تُحترم، ويجب أن يتعلم معها الجميع أن للدولة قانون مهما تضمنت من خلاف واختلاف، قانون يجب ان يسمو على الجميع، وكما يحفظ هذا القانون اعتبار أصغر موظف حكومي من التنحية فمن باب أولى أن يحفظ للبلد هيبته عبر حفظ كبار موظفيه ورأس هرم السلطة فيه.
مع عودة الحكومة أدرك الخصوم قبل الأصدقاء أن اليمنيون أخيراً صححوا مسار اتخاذهم لقرارهم الذي كان يتأثر بأبسط هبة ريح، الأمر الذي عكسه منشور لأحد قيادات "المجلس الإنتقالي" الذي سارع فور وصول الحكومة، لنفي سبب الفوضى التي عصفت بمحافظة عدن في يناير الماضي، قائلاً : لم نكن نستهدف رحيل الحكومة ولا بن دغر شخصياً، ولكننا هدفنا لرحيل أشخاص أخرين بقوا في عدن رغم مغادرة الحكومة!!.
إعتراف شجاع بالخطأ ما كان سيأتي لولا ثبات الشرعية على فرض رموزها بقوة.
وبالمناسبة لم يكن فضلاً من أحد ان يعود رئيس حكومتنا، لم يكن فضلاً بل هو المنطق والسبيل الوحيد لتأكيد أن تحالفاً محترماً يجري بين اليمن ودول الجوار، من جهة، وبين مسؤولينا في الشرعية من جهة ثانية.
بقي فقط أن تفرض الشرعية وجودها الكامل، وليس من المنطق أن تتحمل الحكومة وحدها عبء الأزمات المتقيحة في البلاد، على الرئيس عبدربه منصور هادي وعلى دول التحالف إدراك حقيقة نفاذ صبر المواطنين على تجاوز الحرب عامها الثالث، بالطبع عودة الحكومة يهدئ الشارع، ولكن لإنهاء الحرب لا يختلف عاقلان على ضرورة تواجد وتكامل السلطة التنفيذية بشقيها، وتأجيل أي خلافات أو حسابات مع أي طرف حتى يتم تحقيق الهدف من هذه الحرب.