مع انقلاب ميليشيا الحوثي برعاية إيرانية خالصة، تدهورت حالة حقوق الإنسان والوضع الإنساني بشكل عام بصورة خطيرة وغير مسبوقة في اليمن.. إذ مارس الانقلابيون أثناء اجتياحهم المحافظات مختلف أنواع الانتهاكات , من قصف عشوائي للمدن والأسواق الشعبية، وارتكبت الميليشيا جرائم جماعية بحق المدنيين العزل، فقتلت الآلاف، وجرحت عشرات الألوف، ومن بين هؤلاء وأولئك نساء وأطفال، وقامت الميليشيا الانقلابية بتدمير هائل وغير مسبوق للبنية التحتية , فاستخدمت المنشآت العامة والخاصة بمختلف أنواعها كثكنات عسكرية ومراكز تدريب وضعت الياتها العسكرية في نطاقها، وجعلت منها بحكم عدائيتها وعنفها غير المقنن أهدافا عسكرية مشروعة, علاوة على انتهاج الميليشيا سياسة العقاب الجماعي والتجويع للسكان و تهجيرهم , كما قامت بتفجير وتفخيخ منازل المدنيين ,وحاصرت المدن، ومنعت إدخال الأدوية والمستلزمات الطبية والغذاء , ونهبت أغلب المعونات الإغاثية المستعجلة والمساعدات الإنسانية، واستخدمتها في ما يسمي "المجهود الحربي" وذلك لتغذية الصراع وقتل المدنيين , دونما رادع ، ودونما عقاب أو حساب كما استغلت واستخدمت ميليشيا الحوثي وصالح عشرات الآلاف من الأطفال وقودا لحربها, وحولت المناطق السكنية والطرقات والمزارع إلى حقول للألغام, وانتهجت سياسة تكميم الأفواة بحق الإعلام والإعلاميين كإحدى أبرز سمات سماتها، بالإضافة إلى اتخاذها من الترهيب والتهديد والتدمير أدوات ابتزاز بحق المدنيين ورجال المال والأعمال , فارتكبت - وما زالت ترتكب - جرائم الاختطاف القهري، والإخفاء القسري، والتعذيب حتى الموت للشباب والناشطين والإعلاميين والسياسيين المعارضين لها كسلاح تسحق به كل من حاول حتى نصحها بترشيد عنفها المبالغ، وهمجيتها المفرطة، فضلا عن المعارضين لنهجها وسلوكها الفاشي في حق المجتمع والأمة اليمنية، والنهج العنصري في مقابل كل ما عداها وسواها وبررت وصوغت هذه الميليشيا وقاداتها فظاعات مروعة تصنف قانونيا بأنها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.. ففي آخر إحصائية لضحاياها المدنيين منذ سبتمبر 2014 م إلى فبراير 2018 م وصل العدد لأكثر من 40 ألف ضحية بين قتيل وجريح منهم (13389 ) قتيلا، من بينهم (1353 )طفلا، و (842) امراة بينما بلغ عدد المصابين (27452) مصابا مدنيا، وبلغ ضحايا الألغام أكثر من (1700) ضحية مدني، بين قتيل وجريح، بينهم أطفال ونساء؛ فيما تمتلئ سجون ومعتقلات ميليشيا الحوثي بالمعتقلين تعسفا والمخفيين قسرا، حيث بلغت حالات الاعتقال والإخفاء منذ بدء الانقلاب أكثر من 17800حالة، ترتكب بحقهم وتمارس عليهم أصناف المعاملات السيئة والتعذيب المروع، ولم يفرج عن الكثير منهم إلا في مقابل فدية مالية، وابتزاز مجحف وقاهر لأسرهم وذويهم، وأغلب المفرج عنهم يعانون من عاهات دائمة لبقية حيواتهم، إضافة إلى أمراض نفسية متعددة جراء ما تحملوه من عذاب أثناء فترة اعتقالهم، وليس آخر تلك الحالات مأساة الشيخ جمال المعمري الذي أصيب بشلل أفقده القدرة على الحركة، بعد أن مورست بحقه الكثير من أساليب التعذيب الوحشية التي تطابقت رواياته عنها مع روايات آخرين مفرج عنهم قبله وبعده وثقتها سطور الصحافة، والتي يعجز اللسان عن سرد فصولها .
وفضلا عن المعمري هناك صور أخرى وشهادات موثقة لدى منظمات حقوقية دولية ومحلية للكثير من حالات التعذيب الأخرى، وهناك عدد من المعتقلين الذين قتلوا إما بسبب استخدام الميليشيا إياهم كدروع بشرية في مخازن الأسلحة، أو بسبب حالات التعذيب القاسية جدا وغير المسبوقة في حجمها وتبقى أكثر من 4 الف معتقل يعانون الأمرين، وفي مجمل البلاغات والرصد تم توثيق أكثر من 1000 حالة تعذيب، منها 133 حالة تعذيب حتى الموت آخر ضحاياها الصحفي أنور الركن، وهناك الكثير جدا من الانتهاكات التي لا يتسع المجال لسردها هنا، لكن كلها تؤكد أنه لا احترام لحقوق الإنسان في ظل وجود ميليشيا، وهذا ينطبق أيضا على كل مناطق وبقاع الوطن الغالي بما فيها المناطق المحررة التي تحت سلطة وسيطرة الدولة، إذ أن حرص الشرعية ممثلة بفخامة رئيس الجمهورية الرئيس عبدربه منصور هادي ورئيس حكومته دولة الدكتور أحمد عبيد بن دغر وكل أعضاء الحكومة على حماية حقوق جميع المواطنين اليمنيين شمالا وجنوبا دون أي تمييز وتوجيههم كافة العاملين في دوائر الدولة الحكومية بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان والقانون الإنساني والقوانين ذات العلاقة بالرغم من كل التحديات والصعوبات التي يتم العمل في ظلها من أجل تطبيع الأوضاع، وإعادة الحياة كما كانت قبل الانقلاب، وعليه فيجب اعتبار ميليشيا الحوثي الانقلابية وأي ميليشيا أخرى تمارس ممارساتها العنصرية وغير الأخلاقية أو غير الإنسانية، أو أي قوى تشكلت أو تتشكل أو ستتشكل، ويكون عملها بعيدا سلطات الدولة الشرعية، ولا تلتزم بالقوانين والقرارات المحلية والدولية الموجبة للحساب والعقاب على مرتكبي الجرائم، ومنتهكي الحقوق المدنية والإنسانية المكفولة في كافة الشرائع الإنسانية .. يجب اعتبارها جميعا أنها ميليشيا مارقة يجب إيقافها ومحاسبة قادتها ، وينطبق عليها التصنيف الدولي الوارد في قرارات مجلس الأمن، كون ما تقوم به وتمارسه هو جرائم جسيمة تهدد الأمن والسلم الدوليين، عبر زعزعة التعايش السلمي بين فئات المجتمع، ولابد من ردعها وإعادتها إلى جادة الصواب، وعدم السماح بإفلاتها من العقاب كما كان يحصل من قبل.
فلا بديل لنا جميعا إذن عن دولة تضمن لنا الحقوق ، وتتساوى فيها المواطنة ومبدأ الحساب والعقاب ويخضع فيها الكبير والصغير لقوانين الدولة الانحادية العادلة كما عبر عن ذلك فخامة الرئيس - حفظه الله - بأنها تعتبر الضامن ليمن آمن ومستقر ومزدهر ، يحترم فيها الإنسان اليمني، وتصان حقوقه ، وينتهي فيها التهميش والإقصاء الذي مورس بحقه، كما إنها تشكل ضمانا حقيقيا لأمن أشقائنا الذين يبذلون مع اليمن كل غال ورخيص في سبيل الحفاظ على وحدته أرضا وإنسانا، واستئصال مشروع إيران من موطن العروبة إلى الأبد.