محمد قشمر
المجلس الانتقالي واستراتيجية السقوط
الاثنين 29 يناير 2018 الساعة 01:22

بدأت أصوات البنادق والمدافع والدبابات هي التي تفرض نفسها على المشهد في محافظة عدن كبداية ينتظر البقية في المحافظات الأخرى نتائجها ، والكل يعلم أن النتائج لا يمكن بأي حال ٍ من ألأحول أن تكون في صالح اليمن عموماً أو في صالح الجنوب وعدن على وجه الخصوص . 

كل المتقاتلين هم من أبناء الجنوب وكل القتلى هم أيضاً من اشقائنا وأخوتنا وابنائنا واصحابنا من أبناء الجنوب، الا أنه يمكن أن نقول بأن المستفيد من ذلك الاقتتال هم فئة محددة جداً كما هو الحال في المناطق الشمالية ، حيث تقوم القيادة الحوثية بدفع أبناء اليمن في المناطق المسيطرين عليها الى جبهات القتال ليس لأجل الدفاع عن اليمن وحرية اليمن وشرف اليمن بل الى الدفاع عن أشخاص قدسوا أنفسهم وجعلوا الآخرين وقودا ً لإشباع أطماعهم الدنيوية .
 

أرى أن المشهد يتكرر في مدينة عدن الان وفي هذه الأيام حيث تحاول مجموعةً لا تنتمي روحياً الى اليمن ولا الى قضاياه المصيرية ويحاولوا أن يوجدوا لهم فضاءات سياسية تنصبهم ملوكاً أو حكاماً على إخوتهم الذين هم الان يضحوا بهم ويقودوهم الى ساحات الاقتتال مع إخوتهم أيضاً من أبناء الجنوب ، الفتات الذي يصرف لأولئك الشباب المقاتلين لا يمكن أن يشبع تعطشهم لحياةٍ مستقبليةٍ آمنةٍ مستقرةٍ بقدر ما يبني الآخرين بجماجم أولئك الشباب أطماع شخصية وأحلام بالسيطرة على جنوب اليمن من قبل فئةٍ تستأثر بكل أطياف المجتمع في الجنوب اليمني من عدن حتى المهرة والتي فيها تنوع ثقافي وفكري غزير لا يمكن لفئةٍ أن تستحوذ عليه بمفردها ، أؤكد لكل المشاركين في القتال ضد الشرعية بأنهم يقاتلون ضد اليمن وضد الجنوب وضد الحق ، هم يلقوا بأيديهم الى التهلكة ويلقوا بأهلهم الى مدارات التيه والضياع الذي لن يجني منه المواطن أي فائدة غير الضياع وتراكم الثارات التي ستقضي على كل شيء جميل . 

عبد ربه منصور هادي المجمع عليه محلياً واقليمياً ودولياً هو من أبناء الجنوب ورئيس الوزراء هو من أبناء الجنوب والكثير من الوزراء وقيادات الدولة العليا هم من أبناء الجنوب ولا يمكن أن يكون هؤلاء هم "الاحتلال" الذي يريد قادة الميليشيا في عدن التحرر من سلطتهم. 


القتال ضد الشرعية في عدن يحقق مكاسب مهولة للحوثيين في صنعاء ويساهم في تخفيف الضغط عليهم بالجبهات ويشغل كافة الأطياف السياسية والاجتماعية عنهم بما هو دونهم. 

الاقتتال في عدن يقدم لإيران اليمن مرةً أخرى وبطبقٍ من ذهب بعد أن كادت القوات اليمنية الشريفة الحرة وبدعم مباشر وقوي من الشقيقة الكبرى السعودية وقوات التحالف أن يقضوا عليها، وأن إقحام إيران في اليمن بهذه الطريقة لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يخدم الجنوب أو يمكن أن يسهم في استقرار المنطقة هموماً. 


لا يعقل أن تكون أهداف أشخاص يعملون بكل جهدهم لخدمة أجندات خارجية هي المسيطرة على الموقف وعلى عقول وأفكار الحالمين من البسطاء بحياةٍ أفضل، حيث أنه لا يمكن لفئةٍ تؤمن وبشكل ٍ مطلق بحقها في حكم الجنوب أن تكون هي المهيمن على الجنوب وعلى قضاياه عموماً.

اعتقد أن المجلس الانتقالي يسعى بجهدٍ مخيف الى السقوط وإغراق المناطق الجنوبية في وحل الاقتتال أو التبعية والى تحويل قضاياه المصيرية الى نسخةٍ من قضية صعدة التي تحولت من مظلوم الى ظالم ومن صاحب حق الى قاتل مأجور. 


قضية الجنوب ليست حكراً على أحد، وهادي ليس رئيساً للشمال فهو وحده حتى ألان الأب الشرعي والوحيد لليمن الاتحادي الذي من خلاله سنسعى لحل كل مشاكلنا الداخلية والخارجية، و للعلم أن هذا لن يتم الا بدعم وإخلاص الأشقاء في المملكة للوصول الى اليمن المنشود، وغير ذلك لن يكون الا الهلاك لنا جميعاً ليتربع الشيطان الإيراني على أجسادنا حاكماً لنا عبر وكلائه في المنطقة. 

استراتيجية الانتقالي في هذه الحرب لن تحل مشاكل الجنوب لكنها ستعيد الجميع الى دائرة الولاءات الضيقة الخاذلة لكل طموح وطني صادق.