في زمن أصبحت المنظمات الدولية والحقوقية مجرد ورقة في حاظنة الكبار، يمكن لميليشيا إرهابية خارجة عن النظام والقانون أن ترتكب جريمة حرب متكاملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد وتفلت من العقاب والحساب من تلك الدول وحتى الإدانة من حقوق الإنسان.
بداية الأسبوع الماضي هاجم الحوثيون بشراسة منطقة جلحى والدحرة في مديرية منبه شمال غرب محافظة صعدة وتسكنها قبائل بني الخولي الرافضة للكهنوت الحوثي السلالي فكراً وسياسةً، وتتكون من _آل اللهبي، وأهل الدوشة، وبطين، والذنبة، وآل الشيخ، وبني عياش، وأهل جبار، وآل مقنع، وآل عمر، وآل زيدان، ومعظم آل العلي وآل كثير...
قبل عام قامت الميليشيات الحوثية بحملة شرسة مهّدت لها حملة اختطاف جماعي واسعة طالت عشرات المدنيين من أهلي المديرية، وحملة مداهمات لاعتقال أشخاص بالقوة واقتيادهم إلى جهة غير معلومة «اختفاء قسري» و«عقاب جماعي»، حيث اعتقلوا من كل بيت شخصاً بالقوة كرهائن..
وقبل إسبوع بدأ الحوثيون بتجهيز حملة نفس حملة العام الماضي، وبدأو بالحصار على قبائل بني خولي في منبه، وتقديم كشف بأسماء مطلوبين لديهم يتضمن حوالي عشرون شخصاً كلهم من رجال منبه الذين يرفضون مليشيات الحوثي منذ أول وهلة ، إلا أن القبائل رفضت تسليمهم لمعرفتهم أنه سيكون مصيرهم السجون القسرية والتعذيب الجماعي، كالذي حصل لهم في العام المنصرم .
أقدم المشرف الحوثي المدعو"ابو مازن عبدالسلام نشبان" مع حملتهم المليشياوية بإقتحام منطقة جلحاء وتكليف الحوثي أبو بتول باقتحام منطقة الدحرة وتفجير المنازل كعادتهم، واندلعت مواجهات عنيفة بين الحوثيين وقبائل بني خولي استخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة في مناطق معروفة بالوعورة وصعوبة التضاريس بعد رفض بني الخولي تسليم أصحابهم وإفشال حملات التجنيد الإجباري للأطفال التي تجمعها الميليشيا لتعويض خسائرها العسكرية والبشرية في الجبهات .
وعلى إثرها قُتل الشيخ سلمان مانع الجلحوي وقد كان كبيراً في العمر إلا أن الحوثي لا يبالي بقتل الكبار والصغار وفي سابقة خطيرة ثم بدأت المليشيات بتفجير المنازل ونهب ممتلكات الأهالي من سيارات وشيولات وتجارة ، وبدوره أقدم المشرف الحوثي أبو البتول في منطقة الدحرة بإحراق المنازل وإخراج النساء من البيوت لتجهيزها بالمتفجرات، ونبذهم بالعراء مع قسوة البرد وجور الحصار، وقتل مواطن من أهلي المنطقة لم يبلغ السن القانوني، في إنتهاك صارخ لكل المواثيق الإنسانية والأعراف القبلية،ولا تزال المنطقة على صفيح ساخن عنوانه الموت أما بالحصار أو الرصاص، دون أن تحرك الشرعية و قبائل اليمن والمنظمات الدولية ساكناً ولا حتى بيان إدانة.
نداء الى دول تحالف دعم الشرعية والشرعية أيضا وجميع القبائل بالوقوف مع قبائل منبه ومد يد العون لهم، فلا زال الحصار عليهم لليوم التاسع، ولازالت الانتهاكات تطالهم كل لحظه، ولازالت بني خولي عصية وواقفة في وجه الكهنوت الحوثي الذي أراد سلبهم حريتهم وأرضهم وإنسانيتهم وكرامتهم.
وليعلم الجميع أن ما تتعرض له قبائل بني الخولي ومن قبلها كثير من قبائل صعدة هو مثال لما يُعرف بالتهجير القسري بحسب القانون الدولي، والتهجير القسري هو ممارسة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراضٍ معينة من سكانها الأصليين، وهذه الممارسات مرتبطة بالتطهير الذي كان للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية موقف الإدانة القاطعة تجاهه، كما حصل في بعض الدول حيث كان يُساق المتهمون إلى العدالة الدولية لنيل جزائهم، ويندرج التهجير القسري لقبائل صعدة الأصلية ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وفق قاموس القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وتبقى صعدة عربية حميرية لها روابط قبلية وتاريخية وجغرافية يجاورها من الشمال الغربي أكثر بكثير مما سواه ( العادات، والتقاليد، والسلف والعرف، وحتى في اللهجة واللباس وشدة الباس) ولن يفلح ابدا من يريد طمس هويتها وتحويلها إلى مستنقع لمخلفات فارس وفيروسات الخميني .