تكبدت عناء الاستماع لخطاب الحوثي البارحة، لأخلص لنفس النتيجة: إصراره على تطبيق المثل الشهير "رمتني بدائها وانسلّت".
في رمضانٍ سابق استمعت لمحاضرة له عن المنافقين.. ضحكت من الأعماق.. وكأنه يقرأ باب "بيت العنكبوت" في كتاب الزهر والحجر.
في ذلك الباب أثبتُّ بالنصوص والشواهد أن الحوثية وأخواتها امتداد لتيار النفاق، ويعلم الله أن الباب اجتهاد خالص مني حتى في التبويب والتسلسل، ولقد التزم الحوثي حرفيا بما توصلت إليه من منهجية لكنه عكسها بكل هدوء، في الاتجاه المضاد!!
تقوم تقنية التدليس في خطابات الحوثي على ما يبدو ظاهريا أنه كشف حاذق لمؤامرات أعداء الأمة وأساليبهم ووسائلهم، وتعرية للعملاء، بهدف تحصين مستمعيه من تصديق طروحات الآخرين، وجعلهم يثقون بأنه وحده الفاهم الحريص، بحيث ينتقل من قفص المتهم المدان الى منصة النائب العام ومحامي الادّعاء!!
أسلوب خبيث يغتر به كثير من البسطاء بل وأرباع المثقفين.. أسلوب يشبه تماما رفعهم لشعار الموز لأمريكا يوم كانوا وأسيادهم في قم والنجف يتآمرون لإسقاط العراق ويُهدون سيف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، المسمى ذو الفقار، للجنرال الأمريكي دونالد راميسفيلد، وبدلا من أن نبصق في وجوههم ونلقي القبض عليهم متلبسين بالجرم المشهود بالتعاون مع أمريكا لإسقاط وتدمير بلد عربي عزيز سارعوا لاستدعاء صرخة الخميني.. الموز لأمريكا.. ودائما: رمتني بدائها وانسلت!
يستمر الحوثي ساعة ونصف، من التضليل، ويتم إلزام الخرفان لحظة بث الخطاب بالاستماع والاقتناع والتلميع، لتكون النتيجة دوماً زاملاً واندفاعةً ثم نائحة نعي وقبراً أخضر.. ثكالى وأيتام وخراب وبئر معطلة وقصر مشيد لمشرف لص.
في خطاب الأمس تشعر أن ايرلو واقف بجانب المصور، وواضح أن قائد المسيرة المسردب تخفّف كثيراً منذ مجيء إيرلو للواجهة، واستبدل أعباءه بالاهتمام بشعره ومنظره وبدت ملامحه تلمع في ظل وطن منكوب به وبسيده حسن ايرلو.
** مهم جدا أن يطل الرجل الأول بين أسبوع وآخر ليخاطب شعبه ويشد من أزرهم ويحيي صبرهم ويوقد آمالهم.. منذ صعود تشرشل تحولت الحرب العالمية الثانية إلى سجال خطابةٍ بين هتلر وتشرشل واستطاع الأخير بثلاثة خطابات أن يوقظ المارد النائم في صدور سكان لندن.
الحوثي ذيل ذليل لايرلو لكنه يعمل مستغلاً إمكانيات عاصمة وخبرة مؤسسات، ومطلوب أن لا نترك أهلنا بمناطق المليشيا فريسة لدجله الممنهج فأخوف ما خاف منه محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام على أمته، "منافق عليم اللسان".
كان الذيل الذليل يلقي خطابه البارحة على رائحة 500 لاجئ أثيوبي تفحمت أجسادهم بأوامر منه. وتحدث وأطال في الحديث وكأن شيئاً لم يكن!!