تحل اليوم السبت الذكرى ال43 ليوم ال17من يوليو الذي مثل عام 1978م محطة تحول تاريخية هامة في مسيرة الثورة والجمهورية فقد تم في هذا اليوم تجسيد شعارالديمقراطية التي تظمنها الهدف الرابع من أهداف الثورة اليمنية في أسمى معانيه من خلال إنتخاب رئيس الجمهورية بطريقة ديمقراطية لأول مرة في تاريخ اليمن المعاصر.. حيث تم إنتخاب المقدم/علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية من قبل السلطة التشريعية-البرلمان-(مجلس الشعب التأسيسي) أنذاك.. فكان صالح أول حاكم لليمن يأتي الى سدة الحكم عبرالإنتخاب وليس عبرالإنقلاب فلم يصعدالى كرسي الرئاسةعلى ظهرمدرعة أودبابة عسكرية وإنمابالإنتخاب من قبل أعضاء مجلس الشعب التأسيسي.
لم يكن القائد/ علي عبدالله صالح من قيادات الصف الأول في الدولة والقوات المسلحة وإنماكان من قيادت الصف الثاني يحمل رتبة رائد في القوات المسلحة ويشغل منصب قائدلواء تعز وعندما تم إغتيال الرئيس أحمدالغشمي كان في زيارة لمعسكرخالد ابن الوليد الكائن في مفرق المخا مع رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة المقدم/عبدالله الشيبه وعندماوصلهم خبرإغتيال الغشمي صعدصالح مع الشيبه الطائرة المروحية الى العاصمة صنعاء ولكونه على علاقة وطيدة مع قادة القوات المسلحة ولمايتمتع به من صفات القائد الشجاع والمحنك تم تعيينه رئيسا لهئية الأركان العامة للقوات المسلحة وعضواً في مجلس الرئاسةالمؤقت الذي تم تشكيله برئاسة القاضي /عبدالكريم عبدالله العرشي - رئيس مجلس الشعب التأسيسي - لإدارة شؤون الدولة حتى إختياررئيس للجمهورية.
ظل منصب رئيس الجمهورية شاغراً لفترة 40يوماً وعرض على عددمن كبارقادة الدولة العسكريين والمدنيين لتولي هذا المنصب ولكنهم رفضوا خوفاًمن أن يكون مصيرهم نفس مصيرالرئيسان السابقان المقدم /إبراهيم محمد الحمدي الذي تولى الرئاسة في 13 يونيو عام1974م وتم إغتياله في 11أكتوبرعام1977م والمقدم/أحمدحسين الغشمي الذي خلف الرئيس الحمدي وتم إغتياله في 6يونيو1978م فقدكان كرسي الرئاسةحينها بمثابة المجنزالذي ينقل من يجلس عليه الى الدارالأخرة وقدقبل صالح أن يتولى قيادة مسيرة الثورة والجمهورية في تلك الظروف الصعبة والعصيبة غيرأبه بالمصيرالذي ينتظره وقدوصف تلك اللحظات بقوله :(حفرت قبري وفصلت كفني وتوكلت على الله).
لقدأصرصالح أن يتولى منصب رئيس الجمهورية عبرإنتخابه من قبل البرلمان(مجلس الشعب التأسيسي) وحددفترة رئاسته بأربع سنوات مرسخاً بذلك سلوكاً ديمقراطياً في تولي منصب رئيس الجمهورية عبرالإنتخاب وفعلاً تم إنتخابه في 17يوليو1978م رئيساًللجمهوريةوقائداً عاماً للقوات المسلحة وبعدإنتهاء فترة رئاسته المحددة بأربع سنوات ذهب الى مجلس الشعب التأسيسي وقدم إستقالته طالباً من رئيس وأعضاء المجلس إختياروانتخاب رئيس جديد خلفاً له ولكن أعضاء مجلس الشعب وبالإجماع قرروا إعادة إنتخابه لفترة راسية جديدة.. وأمام الضغط الشعبي والجماهيري قبل بتولي منصب رئاسة الجمهورية لفترة ثانية حيث خرجت المظاهرات الجماهيرية في عموم محافظات الجمهورية (الشطرالشمالي) أنذاك مطالبة بانتخاب صالح لفترة رئاسية جديدة.
لقدتولى صالح قيادة مسيرة الثورة والجمهورية في 17يوليوعام 1978م وكان عمره أنذاك 31عاماً حيث أنه من مواليد21مارس عام 1947م ولذلك أعتقد الكثيرين من السياسيين. والمحللين المحليين والإقليميين أنه لن يتمكن من قيادة البلادفي تلك المرحلة العصيبة بسبب صغرسنه وقلة خبرته ولأنه لم يكن من قيادات الصف الأول في الدولة
وأنه لن يستمرأكثرمن سلفه الرئيس الغشمي الذي لم يستمر في الجلوس على كرسي الرئاسة سواءثمانية أشهرواثناعشريوماًفقط (من 12أكتوبر1977م وحتى 24 يونيو1978م).
لكن صالح أثبت عكس تلك التوقعات فقدتمكن بتوفيق من الله أن يتجاوز كل تلك الصعوبات بشجاعة القائد العسكري المحنك وحكمةالسياسي الداهية حيث أنتهج أسلوب الحوار الديمقراطي البناء مع القوى المعارضة للنظام في الشمال ومع النظام الحاكم في جنوب الوطن ونقل اليمن من حوارالبنادق والمدافع الى حوار العقول فشكل لجنة الحوار الوطني للحوار مع جميع القوى الوطنية والإجتماعية في الشطرالشمالي من الوطن وقدأستمرت جولات الحوار عامين خلصت الى صياغة مشروع الميثاق الوطني كوثيقة وطنية جامعة لكافة الأفكار والرؤى الهادفة لبناءاليمن الجديد وتحقيق التنميةالشاملة والعدالة والديمقراطية. والمشاركة الشعبية في الحكم والتبادل السلمي للسلطة..
كماأنتهج الحوارالديمقراطي البناء مع قيادة الشطرالجنوبي من الوطن لتحقيق منجزإعادة وحدة الوطن اليمني أرضا وإنسانا بالطرق السلمية والديمقراطية وقدتم تحقيق إعادة الوحدة في 22مايو1990م كما تم تحقيق التنمية الشاملة في كافة المجالات وتحقيق النهج الديمقراطي والمشاركة الشعبية في الحكم من خلال المجالس النيابي والمجالس المحلية المنتخبة وإنشاءمجلس الشورى ومنجز إنتخاب رئيس الجمهورية بطريقة ديمقراطية مباشرة من الشعب بالإقتراع السري الحر والمباشر.
سيسجل التاريخ في أنصع صفحاته بحروف من نور أن الزعيم علي عبدالله صالح هوأول رئيس للجمهورية العربية اليمنية يتولى الرئاسة بالإنتخاب من السلطة التشريعية-البرلمان - (مجلس الشعب التأسيسي في 17يوليوعام 1978م ثم مجلس الشورى) عام 1988م.. وأنه أول رئيس للجمهورية اليمنية منتخب من قبل مجلس الرئاسة المنتخب من قبل أول برلمان لدولة الوحدة (مجلس النواب) في 22مايو1990م وأنه أول رئيس لليمن يتم إنتخابه مباشرة من الشعب بطريقة ديمقواطية تنافسية عبرالإقتراع السري الحر والمباشر في سبتمبر1999م ثم في سبتمبر عام 2006م.. وأنه أول رئيس يتنازل عن الفترة المتبقية من رئاسته الدستورية ويدعوا لإنتخابات رئاسية مبكرة ويسلم السلطة سلمياً للرئيس التوافقي المنتخب حقناًللدماء وحفاظاً على المكاسب الوطنية التي تحققت للشعب والحفاظ على سيادة الوطن وإستقلاله.
*عضوإتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين
عضو نقابة الصحفيين اليمنيين
عضو إتحاد الصحفيين العرب