يكاد يتفق الكل بعد أن جرَّب الكل، وإن أسرَّها البعض في نفسه ولم يُعلنها.. بأن المؤتمر الشعبي العام أثناء فترة حكمه، وفي مدة سلطته كان الأوسع صدرًا، والأطول صبرًا، والأكثر مرونة، والأفضل تعايشًا، والأصدق مع الغير تشاركًا.. ولا يعني هذا أنه لم يكن بسلبيات وحتى سلبيات كبيرة، أو أن الآخرين لا يوجد عندهم بعض إيجابيات تفوق ما عنده من إيجابيات؛ ولكن في هذه بينه وبينهم مسافات، والنتيجة لصالحه بلا شك!!
وحتى لا ندخل في جدل، وما أسرعنا نحو الجدل الذي لا يبنى عليه أي عمل، فإن تلك فترة طويناها نحن وإياهم بأيدينا، وقضينا عليها بإرادتنا، ولم نكن حينها على صواب، ولم نعالج جميعًا أخطاءها بحكمة حتى لا تنزلق الفتنة بالبلاد؛ ولكن ذلك قَدَر وقع، وقضاء حُسم، ولله الحكمة البالغة.
ولكي لا نبكي على اللبن المسفوح، أو نبقى في خلاف غير مسموح، فإن الواجب علينا أن نستفيد من ماضينا، ولا نعاود خراب بيوتنا بأيدينا، ونسعى بصدق لإصلاح حاضرنا بترسيخ ثقافة التعايش، ومبدأ مشاركة الآخر بالعدل، والابتعاد الجاد عن فرض الرغبات بالعنف والدم، وأن سياسة الإقصاء والاستحواذ الذي يمارسه أي تيار أو مكون حينما تتوفر له سبل الاستفراد إنما تفتح فوهة بركان تحرقه وتحرق الشعب معه.
إن على المؤتمر أن يتوقف طويلًا فيراجع مسيرته، وعلى الآخرين أن يتوقفوا كثيرًا فيراجعوا موقفهم قبل أن يتخذوا أي خطوة ضد أقرانهم، ورُب يوم أو صديق بكيت منه فلما صرت إلى غيره بكيت عليه.
ليس منا أبدًا من مزقا
ليس منا أبدًا من فرّقا
ليس منا من يسكب النار في أزهارنا كي تحرقا