عندما استشهد علي عبدالمغني قُتل بطل الجمهورية الأول ، وحينما غُدر بالشاعر محمد محمود الزبيري ماتت الحرية برحيل والدها ، ولما تحول إسم تبة الفريق حسن العمري الى تبة (الحيوان) بعد مغادرته خارج اليمن هُزمت الجمهورية في اول ايامها معنوياً ، وعندما لحق اللواء جزيلان بصديقه "العمري" هُزمت الجمهورية مرة أخرى .
الجمهورية لم تتحقق ، علي عبدالمغني والزبيري والعمري وجزيلان وكل الأحرار مازالوا يتطلعون إلينا لتحقيق ما تمنوه ، أمنية الجمهورية التي لا يُظلم عندها أحد ، الجمهورية التي لا ترتهن لأسرة أو سلالة ، الجمهورية التي تحترم حق الأمة في اختيار حاكمها ، الجمهورية التي لا تُـفرق بين عِرق أو لون أو جنس .
هذا ما نقاتل اليوم لأجله .. ويحتشد العالم معنا لتحقيقه ، نحن نقاتل الان عن ألف عام ، عن كل سنين القهر والحرمان والجهل والخوف والجوع ، نقاتل بأرواح اجدادنا الذين ماتوا على أرضهم وسياط الخُمس واللاهوت يقرع ظهورهم ويأكل سُحتاً من مزارعهم . اننا نقاتل اليوم عن الفن اليمني ، والتراث الصنعاني ، والابتسامة ، عن البن ، ومشاقر صبر ، ومزارع الحسيني ، وتمباك عدن ، وعمائم حضرموت ، عن اعراف القبيلة وشهامة اليمني ، عن العيب والعار ، عن الحب والغزل ، عن القصيدة الحمينية ، وفرسان الحميري ، عن خيل الزبيدي ، وسيف القعقاع .
حضارتنا أُبيدت تحت سنابك خيول الغزاة الفارسيين ، مذ جاء يحيى الرسي من بلاد طبرستان وأوهم القبيلة بانتسابه الاشقر وعيناه الخضراوتان وشعره المجدول حتى اكتافه الى دار النبوة الكريمة ، ليمنح ذاته القاب المجد والهدى والتأليه ، وفوق جماجم عشرة مليون يمني استمر بالحديد والنار لحكم الوطن الذي كان سعيداً ، ومن وراءه تناسل اولاده كالارانب ، وانضم الى جوقتهم النازية الاف الادعياء الذين يعرفون حقيقة وهم الانتساب الى البيت الفضيل .
اليمنيون ليسوا هاشميين ، والهاشميون الاصليون غابوا واختفوا في انساب الحياة الطبيعية مع ملايين الأسر العربية الاصيلة ، اختفوا كما اختفت "قريش" ، وكل ما سبق لا يعنينا أبداً ، وما يهمني شخصياً أن اكون حُراً في بلدي .
- الحرية ذاتها التي حملها وحماها الثائر الكبير والحاكم اليمني الذي خرج لحماية حق امته في ان تكون حاكمة على ارضها "علي بن الفضل" الذي لم تسلم نزاهته الشخصية من التشويه الهاشمي المتعمد كما هو شأنها الوقح وشذوذها المريع لتحويل الواقع المسالم الى آلة حرب مشينة ، يقتل اليمني فيها أخاه بلا مبرر سوى رغبة الطرفين في الذهاب سعياً الى جهنم .
- الجمهورية يد السلام والأمن والخير والمحبة ، الديمقراطية التي توهب من الحاكم المستبد لا تستمر لأنها شيك بلا رصيد ، كالبائع ديناً ما يلبث أن يغرق بالمطالب والفشل والافلاس .
الجمهورية التي نُحبها هي جمهورية القوة والدستور ، جمهورية الوحدة والتنمية ، جمهورية الحرية والكرامة ، جمهورية قول الرأي الذي كفله الله والانبياء ، كل ما تفعله الهاشمية الوحشية في اليمن هو القتل والعيش على الدم ككائنات الدود المقزز .
- الجمهورية لم تمت .. ولن تموت ، مازالت حية في عروقنا واحلامنا ، ننام معها ونصحو بها ، نرتديها ونكتبها ، نغتسل لها ونشرب أهدافها ، نتغذى على مبادئها وقيمها . ولكي تستمر يجب أن تـُجرم "الهاشمية" بقانون نافذ ، يجب ان يستعيد اليمني أرضه من الهاشميين ، أراضينا التي في كل وادٍ وسهل ، مدرجاتنا على الجبال ، اغنامنا على التلال ، ثرواتنا ، أكلها وشربها ونهبها هؤلاء المجرمون السفاحون ، مارسوا الدجل والشعوذة للسخرية من اجدادنا ونهب كل مزارعنا في القُرى والارياف والبادية الطيبة ، حرمونا من الحياة بكرامة وفق أطر التعايش والسلام المشترك .
- ايها اليمني .. الجمهورية لم تتحقق بعد ، مازالت أسيرة وسبية لدى الطغاة القبيحون ، منذ 61 عاماً ونحن نرقص ابتهاجاً في ذكراها ، لكنها لم تكن ولم تتحقق ، مازال الهاشميون اللعينون يأكلون منها وحدهم ، لكأنهم وريثها الشرعي !، يذهبون بعيالهم الى الخارج للتعليم والسياحة وامتلاك الشركات واقتسام الغنيمة الجمهورية مع عائلة واحدة فقط ، ونحن واولادنا وانتم وكل هذا البلد الفقير مأكول من اصحاب الانياب الصفراء ، كتلة النفوذ والمصالح تحولت من اليد اليمنى الى اليسرى ، الصنم لم يمت ، هرقل مازال يحكم ، قيصر مازال مستبداً ، ماري انطوانيت تستغرب مجدداً لماذا لا تأكلون البسكويت .. ونحن بلا قمح او حطب ، تبت يدا ابا لهب وتب .
.. والى لقاء يتجدد