د. عبده سعيد المغلس
قراءة في خطاب فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي في قمة القدس في الظهران
الاثنين 16 ابريل 2018 الساعة 19:11

كانت كلمة فخامته كعادته مسؤولة واضحة شفافة على المستوى العربي والإقليمي والدولي واضعا النقاط على الحروف محددا مكامن الداء والخلل والعلاج لواقع الأمة العربية ومعاناتها من التدخلات الأجنبية وصراع الأجندات وللواقع اليمني.

ويمكن توضيح ذلك بالمحاور والنقاط التالية أولاً: على المستوى العربي والإقليمي والدولي. حيث تحدث عن العديد من القضايا نوجزها بما يلي:

1- ظروف انعقاد القمة وتحديات المرحلة الغير مسبوقة. حيث أوضح فخامته بجلاء الزمن العربي الصعب وتحدياته الغير مسبوقة التي تعيشها منطقتنا بقوله " نجتمع اليوم في ظل استمرار ذات الظروف بالغة التعقيد، والتحديات غير المسبوقة، ومن المؤسف القول أننا نعيش زمناً عربياً صعباً تسوده أزمات وصراعات تجعل منطقتنا من المناطق القليلة في العالم التي يسودها الاضطراب ، وينعدم فيها الأمن والاستقرار"

2- الأسباب التي حالت دون حصول الشعوب العربية على حقوقها وغياب الأمل بالغد. أوضح فخامته كيف لعبت الاضطرابات وانعدام الأمن والإستقرار في عدم نيل الشعوب حقوقها بقوله" " وما أفرزه ذلك من مصاعب حالت دون تلبية حقوقِ شعوبنا في التنمية، والتعليم، والعمل وبمعنى أخر امتلاك الأمل بغد عربي مشرق جديد".

3- عدم استطاعة النظام العربي حل أزماته. حيث أوضح بشفافية مطلقة ذلك بقوله" فلسنواتٍ طويلة، لم يستطع النظام الإقليمي العربي حلِّ الأزمات التي ازدادت تعقيدا وغدت سمة لا مفر من الاعتراف بقتامتها".

4- تراجع ثقة المواطن العربي بمؤسسات العمل العربي . حيث أوضح فخامته بأنه بسبب تراكم الأزمات العربية دون حل " تراجعت ثقةُ المواطنِ العربيِ بمؤسسات العمل العربي المشترك"

5- غياب التنسيق والفعل العربي المؤثر. حيث كان واضحا بتحديد العلة لذلك والمتمثلة بغياب علاج الأزمات العربية وكان من نتيجتها كما أوضح فخامته "غاب التنسيقُ والفعل العربي المؤثران"

6- تدخل الخارج وصراع النفوذ والأجندات . حيث أوضح فخامته بأن غياب حل الأزمات العربية سهل ذلك بقوله" فتسلّل الخارج عبر الفراغ ليتدخّل في شؤوننا، وتحويل العديدَ من دولنا العربيةً إلى ساحاتِ صراع نـــفـــوذ وأجندات مشبوهة".

7- الأدوات الإيرانية وتحويل الصراعات الداخلية لحروب بالوكالة. حيث أوضح فخامته ذلك بقوله" بل وفي حالات بعينها غدت الصراعات الداخلية حروب بالوكالة، كما يجري في اليمن وسوريا والعراق ولبنان، حيث تستخدم إيران أدواتها التخريبية والتدميرية، في محاولة لتنفيذ أوهامها الإمبراطورية التوسعية.

8- خادم الحرمين وفرصة إعادة الأمل واستعادة المبادرة لنهوض الأمة العربية. حيث أوضح فخامته دور خادم الحرمين بذلك بقوله " وبالرغم من قتامة الواقع، لكننا نمتلك اليوم ، ونحن نجتمع في هذه القمة، برئاسة ملك الحزم والعزم الذي أعاد الأمل للتلاحم ووحدة الصف العربي، أخي خادم الحرمين الشريفين جلاله الملك سلمان بن عبد العزيز، فرصة جديدة لاستعادة زمام المبادرة، والنهوض بأمتنا العربية، بالبناء على ذلك التلاحم العروبي التاريخي الذي صنعه وقاده الملك سلمان لقطع أيادي إيران وتدخلاتها العبثية في المنطقة ابتداء من البحرين واليمن"

9- دعوته الإلتفاف حول المملكة وقيادتها للحفاظ على الأمن القومي العربي. حيث وجه فخامته دعوة صادقة وخالصة لقادة الأمة العربية لذلك بقوله" ودعوني هنا، أوجه لكم دعوة من قلب صادق ومخلص أن نلتف جميعنا قادة الدول العربية وشعوبها، خلف المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة، للحفاظ على أمننا القومي العربي، لمواجهة واستئصال خطر المد الفارسي الطامع في أراضينا، والمهدد لهويتنا وحاضر ومستقبل أجيالنا".

10- عاصفة الحزم تعبير عن الإرادة العربية. حيث أكد فخامته ذلك بقوله" وأؤكد من جديد، أن عاصفة الحزم، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين كانت تعبير عن إرادة عربية أصيلة لمواجهة الأطماع التوسعية الإيرانية"

11- مشروع إيران وأطماعها ومواجهته. حيث أوضح فخامته مشروعها ودورها بقوله" الأطماع التوسعية الإيرانية، ومشروعها الطائفي التخريبي والتدميري الذي يركز على زعزعة استقرار كيان الدول العربية بدعم مليشيات مسلحة، واللعب على تغذية التوترات المذهبية، للتسلل عبر ذلك في فرض مشروعها، وعبثها أصبح جليا في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، ولن تتوانى عن التهام بقية الدول العربية واحدة تلو الأخرى، إذا لم نتعاون جميعا بإرادة عربية خالصة لقطع أياديها وتدخلاتها في شؤوننا".

12- رهان الملالي وحقيقة الإنقلاب الإيراني بصنعاء وأهدافه بإقامة إمبراطورية فارسية وابتزاز العالم. حيث وضح فخامته جوهر الرهان وأهداف الإنقلاب بقوله " وكان رهان نظام الملالي في إيران أن السيطرة على اليمن هو البوابة لتحقيق مشروعها الإمبراطوري الفارسي، فمن ناحية تستطيع إيجاد موطئ قدم لها لتكون خنجر في خاصرة الخليج العربي والسعودية تحديدا والتي تنظر اليها أنها العائق الرئيس أمام مشروعها وخطتها للسيطرة على المنطقة العربية، ومن ناحية أخرى ابتزاز المجتمع الدولي بتهديد الملاحة العالمية في اهم ممر مائي دولي وهو مضيق باب المندب"

13- استهداف السعودية بصواريخ بالستية إيرانية ومهاجمة الناقلات يستوجب من الجميع دعم الشرعية لمواجهة إرهاب إيران. حيث أوضح فخامته ذلك بقوله" لذلك ما يحدث اليوم من تكرار استهداف الأراضي السعودية من قبل الحوثيين بصواريخ بالستية إيرانية، ومهاجمة ناقلة نفط سعودية مؤخرا في البحر الأحمر، هي رسائل إيرانية ونهج إرهابي يحتاج تكاتف الجميع لاستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وقطع الأيدي الإيرانية العابثة".

14- دور تحالف دعم الشرعية في اليمن هو الدفاع عن المنطقة والعالم ضد مشروع يستهدف أمن واستقرار العالم ويجب دعمه من الجميع. حيث وضح فخامته ذلك بقوله" وعلى المجتمع الدولي أن يعي تماماً أن تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة الأشقاء في السعودية، لا يدافع عن امن واستقرار المنطقة العربية فحسب، بل يحمي العالم من أخطر مشروع يهدد الأمن الدولي، ما يحتم عليهم دعم التحالف العربي، لاستكمال إنهاء الانقلاب قبل أن يكتووا بنار إيران ووكلائها، فهذه الدولة المارقة والمتمردة، لن تتوقف طموحاتها عند حد إذا لم يتم استئصال مشروعها في اليمن، وردعها بقوة وحزم لتكف نهائيا عن التدخل في شؤون الدول العربية.

15- شكر الأشقاء والمجتمع الدولي على إدانتهم الحازمة لأطلاق المليشيات الإنقلابية الصواريخ الباليستية على المملكة. حيث عبر فخامته عن ذلك بقوله "اشكر الأشقاء العرب والمجتمع الدولي على إداناتهم المتكررة والحازمة لأطلاق المليشيات الصواريخ الباليستية باتجاه آراضي المملكة العربية السعودية الشقيقة ، وما تشكله هذه الأعمال الحمقاء من تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة خدمة للأجندة والأطماع الإيرانية المفضوحة"

16- كارثة بقاء الوضع تهديد للأمن الإقليمي والدولي. حيث حذر فخامته من ذلك بقوله " إن بقاء الوضع على ما هو عليه في اليمن لا يشكل كارثه إنسانية وأزمة سياسية تهدد أمن واستقرار اليمن فقط . بل الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين"

17- مطالبة المجتمع الدولي بتأدية ودوره وواجبه أمام ممارسات إيران. حيث طالب فخامته المجتمع الدولي القيام بواجباته فيما يلي:

1- تحميل إيران تبعات رفض مليشيا الإنقلاب للحل السلمي وتبعات المعاناة الإنسانية للشعب اليمني وتهريب الصواريخ والسلاح لمهاجمة اليمن والمملكة والملاحة الدولية.

2- ضغط المجتمع الدولي على ايران ابتداء لوقف تدخلاتها في الشؤون اليمنية واحترام السيادة الوطنية.

3- التوقف عن تهريب الصواريخ للمليشيا التي تستهدف بها الأشقاء في السعودية، في انتهاك سافر لقرار الحظر الدولي.

4- الضغط على المليشيات الانقلابية للخضوع للسلام والاستجابة لجهود المجتمع الدولي لإنهاء الانقلاب واستئناف العملية السياسية التي تستند إلى القواعد والأسس المتفق عليها محلياً وإقليميا ودولياً.

5- الدعم الفعلي للشرعية والتحالف الداعم للشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية لاستئصال هذا الخطر الذي تسعى من خلاله ايران إلى توتير الأوضاع والدفع بالمنطقة نحو أتون حرب وصراع إقليمي سيخسر فيه الجميع.

ثانيا: على المستوى الوطني: حيث أوضح فخامته مسارات تثبيت الإستقرار والأزمة والصراع بنقاط نجملها بما يلي:

1- دور المبادرة الخليجية بعملية التغيير وانتقال السلطة و مسار العملية السياسية للإستقرار في اليمن ورعايتها .

حيث أشار فخامته لذلك بقوله" تابع العالم بأسره الجهود التي بذلها مجلس التعاون الخليجي والمجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والدول الراعية للعملية السياسية في سبيل استقرار اليمن منذ عملية التغيير التي حدثت في العام 2011م، والتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي قادتها ورعتها المملكة العربية السعودية الشقيقة، كمخرج سلمي وعادل لانتقال السلطة."

2- دور الحوار الوطني ومخرجاته في العملية السياسية وحل مشاكل اليمن عبر تاريخه. حيث أشار فخامته لذلك بقوله" ومضت مسيرة الحوار الوطني، برعاية الأشقاء والأصدقاء، ووضعت مشاكل اليمن طيلة الستين عاماً الماضية على طاولة الحوار، وأنتجت كافة الحلول لمختلف القضايا، حتى توافق اليمنيون على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني"

3- الإنقلاب على اتفاق اليمنيين وأجماعهم وإشعال الحرب بإيعاز من إيران. حيث أشار فخامته لذلك بقوله" وعند الشروع في مناقشة مسودة دستور اليمن الاتحادي الجديد، قامت المليشيات المسلحة بالانقلاب على كل ذلك والاستيلاء بقوة السلاح على السلطة وإشعال الحرب، بإيعاز من إيران"

4- مشروع ايران التوسعي ودورها في اليمن والمنطقة ودوافعه. حيث أوضح فخامته دور إيران بقوله" إيران التي جندت وجهزت تلك المليشيات العابثة من اجل مشروعها التوسعي الذي يهدف إلى نشر الفوضى في ربوع بلادنا العربية كافة. ، يدفعها إلى ذلك حقد دفين على الأمة العربية، ورغبة جامحة في تدميرها والسيطرة عليها".

5- طبيعة الإنقلاب بكونه أداة سياسية لمشروع إيران في المنطقة. حيث أوضح فخامته طبيعة هذا الإنقلاب وعلاقته بإيران بقوله" أن اليمن لم تتعرض لمحاولة انقلاب سياسي فقط بغرض الإطاحة بنظام شرعي منتخب والمجيء بآخر انقلابي خارج القانون ، إذ إن هذه الصورة ليست سوى الجزء الأيسر مما حدث. فما حدث كان أكثر من هذا بكثير، فلقد سقط القناع سريعا وثبت أن مليشيا الحوثي لم تكن الا واجهة وأداة إيرانية تؤدي خدمة لمشروعها التوسعي، حين خرج مسؤولي الحرس الثوري الإيراني الحاكم في طهران يتباهون عقب الانقلاب في تصريحات علنية أن صنعاء رابع عاصمة عربية تسقط في أيديهم."

6- السلطة الشرعية ودورها في إنهاء معاناة الناس وتطبيع الأوضاع الأمنية ومحاربة الإرهاب. أشار فخامته لذلك بقوله" إن السلطة الشرعية للجمهورية اليمنية تعمل جاهدة لإنهاء معاناة أبناء الشعب اليمني التي تسببت بها المليشيات الانقلابية وإيقاف آلة القتل والدمار والحصار التي أمعن الانقلابين في ممارستها، أننا نعمل بكل ما أوتينا من إمكانات وموارد لمواجهة التحديات المعيشية والخدماتية وتطبيع الأوضاع الأمنية ومحاربة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله في ظروف تعلمونها جيدا باتت فيها المعاناة الإنسانية الكارثية تسيطر على كل مناحي الحياة، كل ذلك بسبب تعنت المليشيات الانقلابية وإصرارها على العبث بمقدرات البلاد وأمنها واستقرارها".

7- شكر اليمن للمملكة والإمارات ودول التحالف لموقفهم بجانب الشعب اليمني. حيث عبر فخامته عن إمتنان اليمن قيادة وحكومة وشعب بقوله" وأود أن أتوجه لكم بخالص الشكر لوقوفكم جميعاً إلى جانب الشعب اليمني وشرعيته ، كما أجدد الإعراب باسم اليمن قيادة وحكومة وشعبا عن عميق الامتنان للأشقاء في دول تحالف دعم الشرعية، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وكافة دول تحالف دعم الشرعية لمواقفهم إلى جانب الشعب اليمني، على طريق استعادة الدولة اليمنية وتحقيق تطلعات شعبنا في بناء الدولة الاتحادية، وتحقيق الاستقرار والتنمية وإعادة الإعمار"

8- شكر اليمن للمملكة عن الوديعة التي أنقذت بها الإقتصاد اليمني. حيث عبر فخامته عن شكره بقوله" واخص بالتحية والشكر قرار المملكة العربية السعودية وبتوجيه من أخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إيداع ملياري دولار كوديعة في البنك المركزي اليمني، لوقف تدهور العملة ومن اجل التخفيف من الأوضاع المعيشية والإنسانية الكارثية الغير مسبوقة"

9- شكره للملكة والإمارات والكويت والأشقاء والأصدقاء ومركز الملك سلمان وإسناد والهلال الأحمر الإماراتي والمنظمات الإنسانية لدعم خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة. حيث عبر عن شكره بقوله " وكذلك اخص بالتحية والشكر ما قدمته المملكة مع الإمارات من دعم سخي لدعم خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن للعام الجاري 2018م وكذلك دولة الكويت الشقيقة وكل الأشقاء والأصدقاء، وكذلك الجهود المخلصة لمركز الملك سلمان ومركز إسناد الذي تبنى خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن وكذلك الهلال الأحمر الإماراتي وكافة المنظمات الإنسانية".

10- تحميل المسؤولية برفض الحل السلمي ومعاناة اليمنيين لقوى الإنقلاب وإيران. حيث حدد فخامته ذلك بقوله" إن الممارسات التي تنتهجها القوى الانقلابية تؤكد باستمرار عدم جديتها للمضي في طريق الحل السياسي السلمي، وذلك التعنت أسهم ويسهم في استمرار مأساوية الأوضاع الإنسانية وتفاقمها إلى الحد الذي لا يمكن احتماله أو السكوت عليه. والمسؤولية عن هذا الوضع لا يتحملها الإنقلابيين وحدهم بل يشاركهم من يدعمهم ويشجعهم على تمردهم وتعنتهم"

11- السلام وطريق الحل السياسي السلمي واستئناف العملية السياسية. حيث أوضح فخامته ذلك بما يلي:

1- السلام يقوم بالاستجابة لجهود المجتمع الدولي لإنهاء الانقلاب واستئناف العملية السياسية التي تستند إلى القواعد والأسس المتفق عليها محلياً وإقليميا ودولياً، والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن الدولي 2216.

2- إننا نؤكد على تمسكنا بخيار السلام ونبذ العنف، حيث سنبقى منفتحين على كل جهود إنهاء الحرب وإحلال السلام وفقا للمرجعيات المتفق عليها.

3- لم نكن يوما عقبة أمام الحل السلمي ولن نكون، حرصا على صيانة المصالح العليا لشعبنا اليمني وتخفيفاً من معاناته ونبذا لحرب فرضت علينا فرضا.